طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

 

10 جمادى الأولى

طَلْحَة بن عُبَيْد اللّه التَّيمي القُرشي (28 ق.هـ - 36 هـ / 594 - 656م)، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.

 قال عنه النبي ﷺ إنه شهيد يمشي على الأرض فقال: «من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله».

أسلم مبكرًا، فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وهاجر إلى يثرب التي سُمّيت فيما بعد بالمدينة المنورة، وشارك في جميع الغزوات في العصر النبوي إلا غزوة بدر حيث كان بالشام، وكان ممن دافعوا عن النبي ﷺ  في غزوة أحد حتى شُلَّت يده، فظل كذلك إلى أن مات. 

وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله ﷺ وهو عنهم راض.»، وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقُتِلَ في موقعة الجمل، فكان قتله في رجبٍ سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة، وقيل اثنان وستُّون سنة. كان لطلحة أحد عشر ولدًا وأربع بنات، وكان يُسمّي أبناءه بأسماء الأنبياء، فمنهم محمد بن طلحة السجاد وعمران بن طلحة وموسى بن طلحة وعيسى بن طلحة، وغيرهم.

نسبه :

هو: طَلْحَة بن عُبَيْد اللّه بن عُثْمان بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن تَيْم بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَيِّ بن غَالب بن فِهْر بن مالك بن النَّضْر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان،

أمه: الصَّعبة بنت عبد الله بن عماد بن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عُويف بن مالك بن الخزرج بن إياد بن الصّدف بن حضرموت بن كندة، وهي أخت الصحابي العلاء بن الحضرمي، وأمّها عاتكة بنت وهب بن عبد بن قُصيّ بن كلاب، وكان وهب بن عبد صاحب الرّفادة دون قريش كلّها، وكان أبوها يُعرَف بعبد الله بالحضرميّ؛ فيقال لها بنت الحضرميّ.

ذكر ابن حزم له عدة أخوة منهم:

عثمان بن عبيد الله، أنجب عبد الرحمن بن عثمان الذي قُتِل مع عبد الله بن الزبير.

مالك بن عبيد الله، أنجب عثمان بن مالك الذي قتله صهيب الرومي في غزوة بدر في صفوف قريش.

هو ابن عم عبيد الله بن معمر التيمي والي البصرة، ويلتقي نسبه مع أبي بكر الصديق في عامر بن كعب بن سعد، فكلاهما من بني تيم، وكذلك هما ملتقيان في نسب النبي صلى الله عليه وسلم في مُرَّة بن كَعْب.

نشأته :

«قَدِمَ عَلَيْنَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الْفِتْيَانِ،

فَخَرَجَ عَلَيْنَا فِي ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ.»

وُلِد طلحة في مكة قبل الهجرة بثمانية وعشرين عامًا اعتمادًا على القول بأنه مات وهو ابن أربع وستين سنة، أو قبل الهجرة بستة وعشرين عامًا اعتمادًا على القول بأنه مات وهو ابن اثنين وستين سنة. وكان طلحة آدم كثير الشعر، حسن الوجه، أبيض يميل إلى الحمرة، قال ابن منده: «كان رجلا آدم، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسبط، حسن الوجه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره.»، وعن موسى بن طلحة قال: «كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعًا، إلى القصر هو أقرب، رحب الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم القدمين، إذا التفت التفت جميعًا» .

 

إسلامه :

كان طلحة بن عبيد الله من السابقين الأولين، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، حيث كان من الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق، قال ابن إسحاق: «فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ - يعني أَبي بَكْرٍ - فِيمَا بَلَغَنِي: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَسَلَّمَ وَمَعَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَبِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، فَآمَنُوا وَأَصْبَحُوا مُقِرِّينَ بِحَقِّ الإِسْلامِ، فَكَانَ هَؤُلاءِ النَّفَرُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الإِسْلامِ، فَصَلَّوْا وَصَدَّقُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَآمَنُوا بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»

 

ويروي إبراهيم بن محمد بن طلحة قصة إسلامه جده فيقول :

قال طلحة بن عُبيد الله حضرتُ سوقَ بُصْرى فإذا راهبٌ في صومعته يقول: سَلوا أهل هذا الموسم أفيهم أحدٌ من أهل الحَرَم؟ قال طلحة: فقلتُ نعم أنا، فقال: هل ظَهَرَ أحْمَدُ بعدُ؟ قال قلتُ: ومَنْ أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطّلب، هذا شهره الذي يخرج فيه وهو آخر الأنبياء ومخرجه من الحرم ومُهاجَرُه إلى نَخْلٍ وحَرّةٍ وسِباخٍ، فإيّاكَ أنْ تُسْبَقَ إليه، قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال فخرجتُ سريعًا حتّى قدمتُ مكّة فقلتُ: هل كان مِنْ حَدَثٍ؟ قالوا: نعم محمّد بن عبد الله الأمين تنبّأ وقد تبعه ابن أبي قُحافة، قال فخرجتُ حتّى دخلتُ على أبي بكر فقلت: أتَبِعْتَ هذا الرّجل؟ قال: نعم فانطلقْ إليه فادخل عليه فاتْبَعْه فإنّه يدعو إلى الحقّ. فأخبَرَه طلحة بما قال الرّاهب فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله ﷺ، فأسْلَم طلحة وأخبر رسول الله بما قال الرّاهب فسُرّ رسول الله ﷺ، بذلك فلمّا أسلَم أبو بكر وطلحة بن عُبيد الله أخذهما نَوفل بن خُويلد بن العَدَويّة فشَدّهما في حبلٍ واحدٍ ولم يمنعهما بنو تيم، وكان نَوفل بن خُويلد يُدْعى أسدَ قريش فلذلك سُمّي أبو بكر وطلحة القَرينَين.    

ولمّا أَسلم طلحةُ آخى النبي بَيْنَه وبين الزبير بن العوام بمكة قبل الهجرة إلى المدينة، ولم يهاجر طلحة إلى الحبشة لأنه كان من أكابر قريش، فلم يكن يناله من العذاب ما ينال ضعفاء المسلمين، فلم يحتج للهجرة إلى الحبشة؛ وكذلك أبو بكر الصديق، حيث كانا من بني تيم وهي قبيلة كبيرة لها مَنَعَة،

 

هجرته إلى المدينة :

هاجر طلحة إلى المدينة المنورة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان في تجارة في الشام، وفي طريق عودته إلى مكة لقي النبي وأبي بكر وهما في طريقهما إلى يثرب، فكساهما من ثياب الشام، ثم عاد إلى مكة وأخذ أهل بيت أبي بكر وخرجوا مهاجرين إلى المدينة، فعن سعد بن أبي وقاص قال: «لَمَّا ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْخَرَّارِ فِي هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ الْغَدُ لَقِيَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ جَائِيًا مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ، فَكَسَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ مِنْ ثِيَابِ الشَّامِ، وَخَبَّرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَّ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدِ اسْتَبْطَئُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَعَجَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السَّيْرَ، وَمَضَى طَلْحَةُ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ آلِ أَبِي بَكْرٍ، فَهُوَ الَّذِي قَدِمَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ.»

 

ولمّا هاجر طلحة بن عُبيد الله إلى المدينة نزل على أسعد بن زرارة، وآخى النبي بينه وبين أبي أيوب الأنصاري، وهو القول الأشهر، وقيل بينه وبين كعب بن مالك، وقيل بينه وبين سعيد بن زيد، وقيل بينه وبين أبي بن كعب بن قيس. ورُوِى أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار له موضع داره، فعن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة قال: «جعل رسول الله ﷺ، لطلحة موضع داره» .

 

غزواته :

شارك طلحة في جميع الغزوات والمشاهد ما عدا غزوة بدر، حيث بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العشيرة قبل غزوة بدر لتفقّد عير قريش القافلة من الشام، فقيل: «بَعَثَ رسول الله ﷺ سَرِيَّةً فِي عَشَرَةٍ، فِيهِمْ طَلْحَةُ، فَقَالَ: شِعَارُكُمْ يَا عَشَرَةُ»، وأبلى طلحة بلاءً حسنًا في غزوة أحد، وشارك في غزوة الخندق، وحضر صلح الحديبية، وبايع بيعة الرضوان، وعن موسى بن طلحة عن أَبيه طلحة قال: «سماني رسول الله ﷺ يوم أَحد طلحة الخَيْرِ، ويوم العُسْرة طلحة الفَيَّاض

 

أسئلة الزائرين

لإرسال سؤال أو التعليق يرجى تسجيل الدخول

أضف تعليقك