مصادر التشريع الإسلامي 8

 

قد مَهَّدَتْ محاولة ابن شهاب الزهرى لجمع الحديث الطريق لمن بعده من العلماء فظهرت مصنفات منها :

1- كتاب عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (المتوفى سنة 150 هـ) فقد جمعه بمكة في الآثار وشيء من التفسير عن عطاء بن أبى رباح المتوفى سنة 114، وغيره من أصحاب ابن عباس ، كان أحد هذه الكتب، ورغم أن كتاب ابن جريج لم يصل إلينا، إلا أن تلميذه عبد الرزاق بن همام الصنعاني (المتوفى سنة 211 هـ) قد جمع كثيرًا من مروياته في كتابه المصنف؛ حيث أكثر من إيراد رواياته عن ابن جريج باعتباره شيخًا له، كما ذكر عنه كثيرًا من المسائل الفقهية التي وقعت بين ابن جريج وشيخه عطاء، وقد ذكر بعض العلماء أن ابن جريج كان له كتاب السنن علي مثل ما تحتوى كتب السنن مثل الطهارة والصلاة والزكاة وغير ذلك.

2- ومن تلك المصنفات كذلك جامع مَعْمَر بن راشد اليماني (المتوفى سنة 151هـ) ويقع في عشرة أجزاء وصل إلينا منها الخمسة الأجزاء الأخيرة، وهي مخطوطة في تركيا.

3- وموطأ محمد بن عبد الرحمن بن أبى ذئب (المتوفى سنة 158هـ) بالمدينة وكان أكبر من موطأ الإمام مالك بن أنس.

4-وجامع سفيان بن عيينة الهلالي (المتوفى سنة 198هـ) في السنن والآثار وشيء من التفسير، وقد بقى منه أوراق قليلة نحو ست ورقات.

5- ومسند الإمام أبى حنيفة النعمان بن ثابت (المتوفى سنة 150 هـ) وله خمسة عشر مسندًا، وقد أوصلها الإمام أبو الصبر أيوب الخلوتى إلى سبعة عشر مسندًا، كلها تنسب إليه لكونها من حديثه، وإن لم تكن من تأليفه، وقد جمع الخوارزمى أبو المؤيد محمد بن محمود (المتوفى سنة 655 هـ) بين خمسة عشر منها في كتاب سماه «جامع المسانيد» رتبه على ترتيب الأبواب الفقهية بحذف المعاد وترك تكرير الإسناد، وهو مطبوع في مجلدتين بمطبعة مجلس دائرة المعارف بالهند 1332.

6- وكتاب الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبى حنيفة (المتوفى سنة 199هـ) وهو مرتب علي الأبواب الفقهية، وهو مطبوع بالهند 1406 في مجلدة، وأخرى بتحقيق الشيخ أبو الوفا الأفغاني في مجلدتين.

7- ومسند الإمام محمد بن إدريس الشافعي (المتوفى سنة 204 هـ) وليس هو من تصنيفه، وإنما هو عبارة عن الأحاديث التي أسندها الإمام الشافعي مرفوعها وموقوفها، وقد جمعها بعض أصحابه النيسابوريين من كتابه الأم، وغيره من مسموعات أبي العباس الأصم التي كان انفرد بها عن الربيع، وله طبعات كثيرة، ومن أفضلها طبعة في مجلدتين بتقديم مقبل بن هادي طبعة مكتبة ابن تيمية 1416هـ.

8- ثم موطأ الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي (المتوفى سنة 179هـ) بالمدينة وطريقة الإمام مالك، فيه أنه جمع الآثار المرفوعة والمرسلات وفقه الصحابة وكبار التابعين وعمل أهل المدينة، وقد رُوى الموطأ بروايات مختلفة، ويختلف عددها لتباين روايات الموطأ عن الإمام مالك وكان دائم التهذيب والتنقيح لموطأه، وأشهر رواياته رواية يحيى بن يحيى الأندلسى (المتوفى سنة 234هـ) وعدد أحاديثها ألف وثمانمائة وخمسة وخمسين حديثًا، وإذا أُطلق موطأ مالك فالمقصود به رواية يحيى، ومنها رواية عبد الله بن مسلمة القعنبى (المتوفى سنة 221هـ) وهي من أكبرها، ومن أكثر الروايات زيادات رواية أبى مصعب أحمد بن أبى بكر القرشى الزهرى المتوفى سنة 242 هـ، وهي مطبوعة بتحقيق الدكتور بشار عواد معروف، طبعة مؤسسة الرسالة في مجلدتين 1412، ومن جملتها رواية محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبى حنيفة، وفيها أحاديث يسيرة يرويها عن غير مالك، وأخرى زائدة علي الروايات المشهورة وهي أيضا خالية من عدة أحاديث ثابتة في سائر الروايات.

 ثم جاءت طائفة أخرى من العلماء ألفوا وصنفوا من أشهرهم :

1- وكيع بن الجراح الرؤاسى (المتوفى سنة 197هـ) وله كتاب «الزهد» وهو مطبوع بتحقيق عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائى في مجلدتين، طبعة دار الصميعى 1415.

2- سعيد بن منصور المروزي (المتوفى سنة 227 هـ) بمكة، صاحب السنن، وسننه من مظان المعضل والمنقطع والمرسل وقد طبعت منه قطعة في مجلدتين بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي طبعة منشورات المجلس العلمى 1388 وطبع بقيته في خمس مجلدات بتحقيق الدكتور سعد بن عبد الله آل حميد طبعة دار الصميعى 1414.

3 - عبد الرزاق بن همام الصنعاني (المتوفى سنة 211 هـ) وله «الجامع» وكتاب «المصنف» وهذا المصنف مرتب علي الكتب والأبواب الفقهية، وهو مطبوع في إحدى عشرة مجلدة بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمى، طبعة المكتب الإسلامي 1403 وأما الجامع فلم يصلنا منه شيء.  

4- مصنف أبى بكر بن عبد الله بن أبى شيبة العبسي (المتوفى سنة 235 هـ) وقد جمع فيه الروايات على طريقة المحدثين بالأسانيد وفتاوى التابعين وأقوال الصحابة، مرتبًا على الكتب والأبواب على ترتيب الفقه، وهو مطبوع في أربع عشرة مجلدة بتحقيق عامر العمري الأعظمي، اهتم بطباعته ونشره مختار أحمد الندوى السلفي بومباى، الدار السلفية 1403.

ويمكن القول بأن منهج التدوين في عصر التابعين كان يقوم على جمع الأحاديث النبوية التي تدور حول موضوع واحد، فكان لكل باب من أبواب السنة مؤلف خاص به، وقد بدأ ذلك على يد ابن شهاب الزهرى (المتوفى سنة 124هـ) ثم تطور التدوين في القرن الثاني إلى مرحلة أخرى، وهي جمع أحاديث الأبواب وضم بعضها إلى بعض، ومزج الأحاديث بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، واشتهر من بين هذه المؤلفات الموطأ، ومصنفا ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، وقد حملت المصنفات عناوين مثل : مصنف، وسنن، وموطأ، وجامع، وجمعت مادتها الأولى عن الأجزاء والصحف التي دونت قبل مرحلة التصنيف، وكان الغرض من جمع السنة بهذه الطريقة في القرن الثاني  هو خدمة التشريع وتسهيل استنباط الأحكام .

        ولعلنا في تلك المقالات السبعة الأخيرة أجبنا عن الجزء الثاني من السؤال الثاني، وهو كيف وصلت إلينا السنة موثقة، وفيما يلي من مقالات سوف نجيب عن السؤال الثالث وهو : كيف نفهم ما ورد إلينا موثقا ؟ (يتبع)

 

أسئلة الزائرين

لإرسال سؤال أو التعليق يرجى تسجيل الدخول

أضف تعليقك