إرشادات أولية لطالب العلم
علينا أن ندرك أن المعرفة هي التي تجعل الناس قادرين على التصرف السليم والعيش في سعادة، وهذا هو سبب طلب العلم وهدفه في نفس الوقت.
أولا: لابد لطالب العلم أن يهذب نفسه بالتحلي بالأخلاق الحسنة والتخلي عن الأخلاق السيئة قال تعالى وهو أصدق القائلين ({ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران: 164] يقول الْحسن رحمه الله: قَد كَان الرَّجُلُ يَطْلُب الْعِلْم فَلَا يَلْبَث أَن يَرى ذَلِك فِي تخشُّعِه وَهَديِهِ وَفِي لسَانِه وبصرِه وبرِّه.
فالتزكية هي تهذيب النفس وهو سابق على العلم . فعلم بلا خلق يضر ولا ينفع .
وقد كان العلماء يرحلون في الأدب الواحد السنة والسنتين، وكانوا يتعلمون الأدب كما يتعلمون الحديث، قال الحسن رحمه الله: "إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين". وقال سفيان الثوري رحمه الله : "كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدب وتعبد قبل ذلك بعشرين سنة". وهذا الإمام مالك رحمه الله يقول لفتى من قريش: "يا بن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم". لأنه أدرك فضل الأدب منذ صغره، وكان يقول: "كانت أمي تعممني وتقول: اذهب إلى ربيعة (وهو ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك) فتعلم من أدبه قبل علمه". وقال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد رحمه الله: قال لي أبي: "يا بني إيتِ الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث". وقال بعضهم لابنه: "يا بني لأن تتعلم بابًا من الأدب أحب إليّ من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم". وهذا الحسين بن إسماعيل يقول: سمعت أبي يقول: "كنا نجتمع في مجلس الإمام أحمد أكثر من خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت". ويقول عبد الله بن وهب فقيه مصر رحمه الله: "ما تعلمت من أدب مالك أكثر مما تعلمت من علمه". بل في تصانيفهم المتقدمة ما يدل على علو شأن الأدب والسلوك، أليسوا صنفوا في أدب العالم والمتعلم وآداب طالب العلم، وما ينبغي أن يتصف به؛ صنفوا في ذلك كتبًا مستقلة.. وما كان أولئك يعانون من فراغ أوقات لا يدرون بم يصرفونها، لكن عنايتهم بذلك دليل على أهمية ذلك الأمر وعلو شأنه في دين الله عز وجل، كيف لا وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق.
قال الدوانيّ- رحمه الله - :" اعلم أن طالب الفضيلة في بدايته يُرشد إلى علم تهذيب الأخلاق؛ فالنفس إذا لم تتخل عن الأخلاق الذميمة فتعلم علوم الحكمة موجب لازدياد فسادها؛ فيغذوها بمواد الكبر والغطرسة والقدرة على الجدل والمماراة مع العلماء الكبار ، والحقيقة أن أكثر طلبة العلم في درجة التخلف والضلال والفسوق والانحلال؛ لأنهم لم يعملوا بمقتضى: " وأتوا البيوت من أبوابها"، ولم يبدأوا بتهذيب أخلاقهم، لكنهم سمعوا أن الحكمة ترفع عن الإنسان قيد التقليد ، وتوصله إلى رتبة التحقيق، ولم يفهموا معنى هذا الكلام؛ فالحكمة إذا لم تتقيد برسوم الشرع موجبة لانحلال قيود الشريعة والانخلاع من قوانين الملة بحسب دواعي الهوى ورغبات الطبع؛ فهي حينئذ علف الدواب، وأنياب وألسنة السباع في هتك عرض الأقران وإساءة الأدب مع الأسلاف والأعيان الذين يجب شكر مساعيهم من طلاب الكمال، واعتقاد العجائز بمقتضى البلاهة أدنى إلى الخلاص من فطنة بتراء" اهـ باختصار
ويمكن تهذيب الأخلاق عن طريق الشيخ الذي يتلقى الطالب منه العلم
ترتيب العلوم التي سيدرسها طالب العلم :
يتأتى بعد تقويم الخلق ضبط الذهن بتعلم الرياضيات والحساب والمنطق حتى ينضبط الذهن ، ويُلقن اللغة العربية من خلال القرآن والسنة النبوية حفظا واستظهارا.
ثم يضبط قواعد اللغة عن طريق علوم اللغة (نحوا وصرفا وبلاغة وأدبا .....)
ضبط النص الشرعي ثبوتا (للسند) وفهما (للمتن)، عن طريق العلوم الشرعية (مصطلح حديث، علم الكلام، علم أصول الفقه، وعلم التفسير) .
محمد بن حمزة البيطار
جزيتم خيرا هل إتمام حفظ القرآن شرط للمتابعة في العلوم؟ أم يكفي في ذلك حفظ بعض السور مع إتقان التلاوة؟ لا سيما إن لم يأنس من نفسه المقدرة على استظهار القرآن الكريم كاملا
>> وجزاكم مثله وزيادة .... مما لاشك فيه أن لحافظ القرآن ثوابا عظيما فحاول واستعن بالله ولاتعجز . وسر في العلوم في المستوى المبتدئ مع السير على منهج وورد يومي لحفظ القرآن .... وفقكم الله لكل خير