الإمام العلامة المفسر الشيخ محمد متولي الشعراوي المتوفى سنة 1419هـ
التعريف به:
هوعالم دين، ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني
القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية،
مما جعله يستطيع الوصول لشريحةٍ أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، لقبه
البعض بإمام الدعاة.
مولده وحياته العلمية:
ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس
مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره.
وفي عام 1922م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري،
وأظهر نبوغًا منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة
الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر
والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية
الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر
طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا
يعرضون عليه ما يكتبون.
كانت نقطة تحول
في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ
الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى
القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من
أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع
من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى
له كل ما طلب قائلًا له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني
آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. وهذا ما قاله فضيلة الشيخ الشعراوي في لقائه
مع الصحفي طارق حبيب.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة
الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م اندلعت من الأزهر
الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين.
ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات
الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد
الطلبة سنة 1934م.
حياته العملية:
تخرج عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام
1943م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد
الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي
إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى.
واضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه
أصلًا في اللغة، وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن
يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع.
وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين
الملك سعود، وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية
إلى السعودية، وعين في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم
سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي
سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد سجد
الشعراوى شكرًا لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر، و برر ذلك "في حرف
التاء" في برنامج من الألف إلى الياء بقوله "بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان
الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم" وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين
مديرًا لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلًا للدعوة والفكر، ثم وكيلًا للأزهر ثم
عاد ثانية إلى السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك
أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، فظل الشعراوي
في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
اعتبر أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء أول بنك إسلامي
في مصر وهو بنك فيصل، حيث أن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح
في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وفي سنة 1987م اختير عضوًا بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين).
المناصب التي تولاها:
عين مدرسًا بمعهد طنطا الأزهري وعمل به، ثم نقل إلى معهد
الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق.
أعير للعمل بالسعودية سنة 1950م. وعمل مدرسًا بكلية الشريعة،
بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
عين وكيلًا لمعهد طنطا الأزهري سنة 1960م.
عين مديرًا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م.
عين مفتشًا للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م.
عين مديرًا لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون
1964م.
عين رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966م.
عين أستاذًا زائرًا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة
بمكة المكرمة 1970م.
عين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز
1972م.
عين وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية
1976م.
عين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980م.
اختير عضوًا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
عرضت علية مشيخة الأزهر وكذا منصب في عدد من الدول الإسلامية
لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
الجوائز التي حصل عليها.
منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة
بلوغه سن التقاعد في 15 أبريل 1976 قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر.
منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983 وعام
1988، ووسام في يوم الدعاة.
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة
والمنوفية.
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة
التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة،
وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم
الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام
1989 والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل
جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محليًا، ودوليًا،
ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.
اختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية
في دورتها الأولى عام 1418 هجري الموافق 1998 م.
مؤلفاته:
للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها
وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه
المؤلفات:
خواطر الشعراوي
المنتخب في تفسير القرآن الكريم
خواطر قرآنية
معجزة القرآن
من فيض القرآن
نظرات في القرآن
الإسراء والمعراج
الأدلة المادية على وجود الله
الإسلام والفكر المعاصر
الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم
الأحاديث القدسية
الآيات الكونية ودلالتها على وجود الله تعالى
البعث والميزان والجزاء
التوبة
الجنة وعد الصدق
الجهاد في الإسلام
أضواء حول اسم الله الأعظم
الحج الأكبر - حكم أسرار عبادات
الحج المبرور
الحسد
الحصن الحصين
الحياة والموت
الخير والشر
السحر
السحر والحسد
السيرة النبوية
الشورى والتشريع في الإسلام
الشيطان والإنسان
الصلاة وأركان الإسلام
الطريق إلى الله
الظلم والظالمون
المعجزة الكبرى
أسماء الله الحسنى
أسئلة حرجة وأجوبة صريحة
الفتاوى
الفضيلة والرذيلة
الفقه الإسلامي الميسر وأدلته الشرعية
القضاء والقدر
الله والنفس البشرية
المرأة في القرآن الكريم
المرأة كما أرادها الله
النصائح الذهبية للمرأة العصرية
الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج
فقه المرأة المسلمة
الغارة على الحجاب
الوصايا
إنكار الشفاعة
أحكام الصلاة
أنت تسأل والإسلام يجيب
الغيب
بين الفضيلة والرذيلة
جامع البيان في العبادات والأحكام
حفاوة المسلمين بميلاد خير المرسلين
عداوة الشيطان للإنسان
عذاب النار وأهوال يوم القيامة
على مائدة الفكر الإسلامي
قصص الأنبياء
قضايا العصر
لبيك اللهم لبيك
نهاية العالم
هذا ديننا
هذا هو الإسلام
وصايا الرسول
يوم القيامة
عقيدة المسلم
أسرار بسم الله الرحمن الرحيم
مؤلفات أخرى:
الشيخ الشعراوي وفتاوى العصر محمود فوزي
الشيخ الشعراوي وقضايا إسلامية حائرة تبحث عن حلول - محمود
فوزي
الشيخ الشعراوي ويسألونك عن الدنيا والآخرة - محمود فوزي
مائه سؤال وجواب في الفقه الإسلامي - محمد متولي الشعراوي
- عبد القادر أحمد عطا
الراوي هو الشعراوي - محمد زايد
الشعراوي بين السياسة والدين - سناء السعيد
أشهر آرائه:
(خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرًا للقرآن؛ وإنما
هي هباتٌ صفائية تخطر على قلبِ مؤمنٍ في آيةٍ أو بضعِ آياتٍ).
الرد على المستشرقين:
أرجع الشيخ الشعراوي آراء المستشرقين التي اتهمت القرآن
الكريم بالباطل بتضارب الآيات إلى ضعف ملكتهم اللغوية، وفند اتهاماتهم وصححها كلما
مر مفسرًا على سور القرآن الكريم.
موهبته الشعرية:
عشق الشيخ الشعراوي اللغة العربية، وعرف ببلاغة كلماته مع
بساطة في الأسلوب، وجمال في التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر، فكان شاعرًا
يجيد التعبير بالشعر في المواقف المختلفة، وخاصة في التعبير عن آمال الأمة أيام شبابه،
عندما كان يشارك في العمل الوطني بالكلمات القوية المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر
أيضًا في تفسير القرآن الكريم، وتوضيح معاني الآيات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان
يقول "عرفوني شاعرًا".
مواقفه:
قدم الشيخ استقالته بسبب شتم السادات للشيخ المحلاوي فبعث
الشيخ ببرقية للرئيس وقال: "إن الأزهر الشريف لا يخرج كلابًا بل يخرج شيوخًا أفاضل
وعلماء أجلاء".
نقل مقام إبراهيم:
عام 1954 م كانت هناك فكرة مطروحة لنقل مقام إبراهيم من
مكانه، والرجوع به إلى الوراء حتى يفسحوا المطاف الذي كان قد ضاق بالطائفين ويعيق حركة
الطواف، وكان قد تحدد أحد الأيام ليقوم الملك سعود بنقل المقام.
وفي ذلك الوقت كان الشيخ الشعراوي يعمل أستاذًا بكلية الشريعة
في مكة المكرمة، وسمع عن ذلك، واعتبر هذا الأمر مخالفًا للشريعة، فبدأ بالتحرك واتصل
ببعض العلماء السعوديين والمصريين في البعثة، لكنهم أبلغوه أن الموضوع انتهى، وأن المبنى
الجديد قد أقيم، فقام بإرسال برقية من خمس صفحات إلى الملك سعود، عرض فيها المسألة
من الناحية الفقهية والتاريخية، واستدل الشيخ في حجته بأن الذين احتجوا بفعل الرسول
-صلى الله عليه وسلم- جانبهم الصواب؛ لأنه رسول ومشرع، وله ما ليس لغيره، وله أن يعمل
الجديد غير المسبوق، واستدل أيضًا بموقف عمر بن الخطاب الذي لم يغير موقع المقام بعد
تحركه بسبب طوفان حدث في عهده، وأعاده إلى مكانه.
وبعد أن وصلت البرقية إلى الملك سعود، جمع العلماء وطلب
منهم دراسة برقية الشعراوي، فوافقوا على كل ما جاء في البرقية، فأصدر الملك قرارًا
بعدم نقل المقام، وأمر الملك بدراسة مقترحات الشعراوي لتوسعة المطاف، حيث اقترح الشيخ
أن يوضع الحجر في قبة صغيرة من الزجاج غير القابل للكسر، بدلًا من المقام القديم الذي
كان عبارة عن بناء كبير يضيق على الطائفين.
خواطره حول تفسير القرآن:
بدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسيره على شاشات التلفاز
قبل سنة 1980م بمقدمة حول التفسير، ثم شرع
في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف وحالت وفاته
دون أن يفسر القرآن الكريم كاملًا. يذكر أن له تسجيلًا صوتيًا يحتوي على تفسير جزء
عم (الجزء الثلاثون).
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي موضحـًا منهجه في التفسير:
خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرًا للقرآن؛ وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية
أو بضع آيات. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر؛ لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
أولى الناس بتفسيره؛ لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل، وله ظهرت معجزاته،
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة
التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي " افعل ولا تفعل..".
اعتمد في تفسيره على عدة عناصر من أهمها:
اللغة كمنطلق لفهم النص القرآني
محاولة الكشف عن فصاحة القرآن وسر نظمه
الإصلاح الاجتماعي
رد شبهات المستشرقين
يذكر أحيانا تجاربه الشخصية من واقع الحياة
المزاوجة بين العمق والبساطة وذلك من خلال اللهجة المصرية
الدارجة
ضرب المثل وحسن تصويره
الاستطراد الموضوعي
النفس الصوفي
الأسلوب المنطقي الجدلي
وفي الأجزاء الأخيرة من تفسيره آثر الاختصار بسبب مرضه حتى
يتمكن من إكمال خواطره، ثم عاد واعتذر على شاشات التلفاز عن اختصاره واستغفر الله عن
إيجازه في هذه المعاني حرصًا منه على أن يتمم بحول الله تفسير كتاب الله في حياته،
وأنه عوتب في ذلك وقيل له الموت له أجل ورزقك من الله له أجل
وفاته:
عاش الشيخ الشعرواي
حياة طويلة يتصارع مع المرض نتيجة ذلك المرض أصبح غير قادر على قراءة القرآن
الكريم، لذلك كانت الطريقة الوحيدة لسماعه للقرآن الكريم هي أنّه طلب من أحد أن
يجلس بقربه ويقرأ القرأن الكريم فإذا أخطأ يستيقظ الشيخ الشعراوي ليصحح له الخطأ
ثمّ أصبحت حالته الصحية سيئة جداً ونام الشيخ مستقيماً على سريره حتى يشعر براحة
لكن ابنه شعر أنّ والده يحتضر فأخذ يلقنه الشهادة فنطقها محركاً إصبعه قائلاً:
(أشهد أنّ لا اله الا الله وأشهد أنّ محمد رسول الله) وبعدها توفي رحمه الله عام ١٤١٩ هـ - 1998 م عن عمر يناهز 87 عامًا.
تفسير الشيخ الشعراوي
تاريخ التأليف: القرن الخامس عشر الهجري
أضف تعليقك