الشيخ الأديب عبد الله ابن المقفع مترجم (كليلة ودمنة) المتوفى 142 هـ
اسمه ونشأته
أبو مُحمّد عبد الله بن المقفع وهو مفكّر فارسي وُلِد مجوسياً لكنه اعتنق الإسلام، وعاصر كُلاً من الخلافة الأموية والعباسية.
نشأ ابن المقفع على المجوسية على مذهب المانوية وكان له نشاط في نشر تعاليمها وترجمتها إلى العربية، ومنها كتاب في سيرة مزدك أحد دعاة الثنوية ومن زعمائها المجددين لمبادئها. حتى أسلم على يد عيسى بن علي، فتغير اسمه لعبدالله وتكنى بأبي محمد، ولم تطل فترة إسلامه إذ قتل على يد سفيان بن معاوية بن يزيد بن الملهب بإيعاز من المنصور متهماً بالزندقة، حيث كانت مبررات قتله على أنه زنديق من الفئة التي تتظاهر بالإسلام مراءاة وخداعاً.
ولكن ليس في آثار بن المقفع ما يدل على زندقته، ولم يكن هنالك دليل مادي يوجه اتهامات إليه لإثبات زندقته وتبرير قتله، فالزندقة ليست السبب الحقيقي لمقتله وإنما كانت للتغطية. بالرغم من ذلك فإن احتمالية كونه زنديقاً بعد إسلامه أمر محتمل، فيشير بعض المؤرخين بأن إسلامه ما كان إلا ليحافظ على كرامته وطمعاً في الشهرة والجاه وتقرباً إلى مواليه العباسيين.
صفاته
عُرِف عبد الله بن المقفع بذكائه وكرمه وأخلاقه الحميدة، وكان له سعة وعمق في العلم والمعرفة ما جعله من أحد كبار مثقفي عصره، حيث تتكون ثقافته من مزيج من ثلاثة جوانب : العربية، الفارسية واليونانية، وكان ملماً بلسان العرب فصاحةً وبيناً، وكاتباً ذو أسلوب، وذلك لنشأته في ولاء آل الأهتم، ووصف بمنزلة الخليل بن أحمد بين العرب في الذكاء والعلم، واشتهر بالكرم والإيثار، والحفاظ على الصديق والوفاء للصحب، والتشدد في الخلق وصيانة النفس، ونستطيع أن نعرف عنه صدقه من خلال كتاباته وحبه للأصدقاء حتى قال: «ابذل لصديقك دمك ومالك».
وذات مرة سُئل ابن المقفّع عن الأدب والأخلاق فقيل له: "من أدّبك"؟ فقال: "إذا رأيت من غيري حسنا آتيه، وإن رأيت قبيحا أبَيْته».
وقد اتهمه حساده بفساد دينه، وربما كان الاتهام واحد من أسباب مقتله، ولا نجد في شيء من كتاباته ما يؤكد صدق هذا الاتهام.
جمع بين الثقافة العربية والفارسية واليونانية والهندية، فنال من كل هذه الثقافات نصيبًا وافرًا من الفصاحة والبلاغة والأدب، ولا يخفى هذا الأثر الطيِّب إذا تصفّحتَ مؤلفًا من مؤلفاته، فتنهال عليك الحكمة من بين الأسطر، وتنعم بالأسلوب السلس، والذوق الرفيع.
كان حافظا للجميل فمن أهم أقواله : «إذا أسديت جميلاً إلى إنسان فحذار ان تذكره وإذا اسدى إنسان اليك جميلاً فحذار أن تنساه» والعديد والعديد من الصفات الرائعة.
مقتله
اشتهر عبد الله بن المقفع بِأنه على خِلافٍ شديدٍ مع سُفيان بن مُعاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وهو والي البصرة أثناء فترة حُكم الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وكان ابن المُقفع يعبث معه ويضحك عليه ويستخف به كثيراً وقيل أن أنف سُفيان كبيراً فكان يقول له عبد الله بن المقفع إذا دخل عليه: السلام عليكُما، يعني سفيان وأنفه معه؛ وقال له في أحد الأيام وهو يسخر منه أمام الناس : «ما تقول يا سُفيان في شخص مات وخلف زوجاً وزوجةً.
قَصد عبد الله بن المقفع بِالمغتلمة أي المرأة الفاجرة الشبقيّة التي لا تكتفي من الرجال ولا تنطفئ شهوتها وأُم سفيان التي قذفها ابن المقفع هي ميسون بنت المُغيرة بن المهلب بن أبي صفرة.
عِندما قال عبد الله بن المقفع مقولته هذه زادت ضغينة سُفيان وحقد عليه وضمر له الكراهية لِذا عزم على قتله والانتقام منه فآمره بالقدوم إليه واستدعاه فقال له:
بعد ذلك ربطه وأمر بإحضار فرن تنور فَسجَّره وأوقده حتى أصبح حامياً مُتوّقداً عندئذٍ أمر سفيان رجاله بِتقطيع أعضاء وأطراف عبد الله بن المقفع عضواً عضواً وكُلما قطعوا عضواً من جسم ابن المقفع يقول لهم سفيان بن معاوية:
»ألقوه وأرموه في النار.«
فجعل رجال سفيان يقطعون أعضاؤه ثم يرمونها في الفرن حتى تحترق بينما يرى وينظر لها عبد الله بن المقفع حتى هلك ومات من شدة التعذيب.
مؤلفاتهُ
بعض مؤلفات ابن المقفّع نقل من الفارسية واليونانية والهندية. ومن مؤلفاته:
الدرة الثمينة والجوهرة المكنونة.
مزدك.
باري ترمينياس.
أيين نامة ـ في عادات الفرس.
التاج ـ في سيرة أنو شروان.
أيساغوجي ـ المدخل.
ميلية سامي ووشتاتي حسام وعمراني نوفل
الأدب الصغير.
رسالة الصحابة.
كليلة ودمنة ـ نقله عن الهندية. (ترجمة)
الأدب الكبير
الأدب الصغير.
بقي ابن المقفّع وبقيت الكتب التي كتبها أو نقلها عن الفارسية أو الهندية والبنغالية أو اليونانية مرجعا لأنّ الكتب الأصلية قد ضاعت.
أضف تعليقك